19 - 10 - 2024

مؤشرات | طوفان الأقصى ووجه العالم القبيح

مؤشرات | طوفان الأقصى ووجه العالم القبيح

تلك هي السياسة الأمريكية والغربية العمياء، والتي لا ترى في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، سوى الصهيونية التي تريد حمايتها، فعلى مدى عشرات السنوات لم تر سياسة واشنطن (العمياء) ومعها الغرب، حجم الإنتهاكات الإسرائيلية ضد أهل فلسطين، ولم يتحرك لها ساكن بشأن حجم الدمار، والثكلي واليتامي الذي سقطوا بصواريخها وقنابلها ومدافعها وطائراتها التي مدت إسرائيل بها.

وعلى مدى سنوات قليلة مضت وقعت مئات الإنتهاكات من قوات الإحتلال والمستوطنين تحت حماية رسمية للأراضي المقدسة، ولم نسمع موقفا من الغرب والأمريكان يحذر من التمادي في هذه السياسة التي ستدفع يوما إلى الإنفجار، والدخول في دائرة مليئة بالكرات الملتهبة والتي ستأكل الأخضر واليابس.

وأعتقد أن إسرائيل ومن ورائها أمريكا ومن خلفها البعض من ذيول الغرب، أن محاولة تصدير القضية الفلسطينية إلى مصر والعرب هو إشعال عداء لا ينتهي مع الشعب المصري، وبعض من الشعوب العربية، فإسرائيل لا تدرك مدى أي خطوة في إتجاه تهجير إجباري جديد للشعب الفلسطيني، والتي تدفع بالمنطقة لخطر لا يمكن التنبؤ بنهايته.

ولاشك أن السياسات الصهيونية المستمرة وإستفزازات تل أبيب ضد الفلسطينيين وإنتهاكات المستوطنين تحت حماية جنود للإحتلال للأراضي والأماكن المقدسة تؤكد يوما بعد يوم أن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي بلا نهاية، فقد قدم شعب فلسطين كل جدية للسلام منذ إتفاقية أوسلو 1993، بينما إسرائيل تريد الأرض فقط وتطرد من عليها.

ولا يمكن أن نستبعد أن استمرار السياسات الصهيونية هي النتيجة الطبيعية لما حدث يوم 7 أكتوبر 2023، وحتما ستكون إسرائيل واهمة أن خريطتها بضم القطاع والضفة وكل الأراضي الفلسطينية هي دولتها، فستبقى فلسطين لأهلها مهما كان الثمن.

من الطبيعي أن تواجه قوى الإحتلال بالمقاومة، وهذه ظاهرة تاريخية، ومن حق الفلسطينيين أن يقاوموا، وحتما يأتي يوم ستجبر فيه المقاومة وقوى الإحتلال الإسرائيلي على الرضوخ للحقوق التاريخية في أرضهم، وهي إمتداد لنضال فلسطيني طويل.

ولو تتبعنا هذا النضال نراه يرتفع بارتفاع حدة سياسات الإحتلال وحكوماته المتتالية، والتي وصلت عنفوانها مع التطرف الصهيوني الحالي، وخروج التطرف إلى العلن، والذي بالغ في إنتهاك المؤسسات الدينية، والتي وصلت إلى رد فعل متوقع من الفلسطينيين، مع الدفع الأمريكي نحو التطبيع العربي دون مقابل للحق الفلسطيني، وإسقاط القضية الفلسطينية من كل ملفات "الصراع العربي الإسرائيلي".

والسؤال المهم الذي يبين مدى عنجهية الإرهابي "بينيامين نيتنياهو" والذي لم يدرك رد الفعل عليه ومعني كلماته حينما قال "إن رد فعل إسرائيل سيكون عنيفا وسيغير خريطة الشرق الأوسط"، وهذا كلام يغازل به الشارع الإسرائيلي، لأن هناك مواقف قوية لدول المنطقة خصوصا مصر، لن تقبل بأي شئ يمس أمنها القومي، وهو ما أكد عليه الرئيس عبد الفتاح السيسي في حفل تخريج دفعة من أكاديمية الشرطة قائلا "حماية الأمن القومي هي مسؤوليتي القصوى ولن يكون هناك أي تنازل أو تهاون تحت أي ظرف من الظروف"، بل زاد قائلا " إن مصر لن تسمح بتصفية القضية الفلسطينية على حساب أطراف أخرى".

ولم تدرك الولايات المتحدة الأمريكية حجم الخطر، في وقت تواصل فيه الضغوط على دول عربية، منها السعودية بشكل خاص، من أجل تطبيع مع إسرائيل بلا ثمن، وهو ما حدث مع دول عربية أخرى في آخر ثلاث سنوات.

ولم يراعي الرئيس الأميركي جو بايدن كل ملفات القضية الفلسطينية، ويعلن أن دعم بلاده لإسرائيل "صلب كالصخر" و"راسخ" بعد الهجوم الذي شنّته حركة حماس، وأن الولايات المتحدة تقف إلى جانب إسرائيل، ولن نخفق أبداً في دعمهم.

ومن بين غرائب وعجائب دول العالم التي تكشف الوجه القبيح للعالم، رئيس الوزراء البريطاني، فأين كان هذا "الهندي البريطاني الخليط" المدعو "ريشي سوناك"، من العدوان الإسرائيلي ضد الفلسطينيين أرضًا وبشرًا، ليخرج الآن قائلا لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أنّ بلاده تقف إلى جانب إسرائيل على نحو لا لبس فيه، وأنّ لندن تعمل على ضمان أن يتحدث العالم بصوت واحد.

وأليس بلاده هي من زرعت الشيطان الصهيوني بوعد بولفور 1917، فليس ما يقوله اليوم غريبا عليه.

في ظل القلق العربي الذي أخذ في الإتساع مع تدهور الأوضاع في غزة، خرج قادة الولايات المتّحدة وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وبريطانيا في بيان مشترك معلنين دعم جهود إسرائيل للدفاع عن نفسها، مع إستحياء للإشارة إلى "التطلّعات المشروعة للشعب الفلسطيني"، دون تفصيل لهذه التطلعات.

ومن غرائب مشاهد (طوفان الأقصى)، موقف الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، وإعلان تضامنه مع إسرائيل، خلال اتصال هاتفي مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وسط تساؤلات حول مدى تأثير حرب غزة على مسار معارك أوكرانيا وروسيا.

وبدا أن هذا الموقف يعكس رئيسا مأزوما، وفي موقع المهزوم، خصوصًا إذا ما تمعنا في موقف الرئيس الروسي "بوتين"، الذي أعلن وقوفه إلى جانب الحقوق الفلسطينية.

حتمًا نحن في مرحلة مفصلية في تاريخ الصراع الفلسطيني  الإسرائيلي، والتي تتطلب لملمة الفصائل الفلسطينية، والوصول إلى تفاهمات لمواجهة متغييرات متنوعة، وبعضها فيها حالة من الخطر.
-----------------------------
بقلم: محمود الحضري

مقالات اخرى للكاتب

مؤشرات| منظومة